روي عن رجل أسدي : قال : كنت نازلا على نهر العلقمي بعد ارتحال العسكرعسكر بني امية ، فرأيت عجائب لا أقدر أن أحكي إلا بعضها . منها : أنه إذا هبت الرياح تمر علي نفحات كنفحات المسك والعنبر ، وإذا سكنت أرى نجوما تنزل من السماء إلى الارض ، وترقى من الارض إلى السماء مثلها ، وأنا منفرد مع عيالي ، ولا أرى أحدا أسأله عن ذلك ، وعند غروب الشمس يقبل أسد من القبلة فاولي عنه إلى منزلي ، فإذا أصبحت وطلعت الشمس وذهبت من منزلي ، أراه مستقبل القبلة ذاهبا .
فقلت في نفسي : إن هؤلاء خوارج قد خرجوا على عبيدالله بن زياد ، فأمر بقتلهم ، وأرى منهم ما لم أره من سائر القتلى ، فوالله هذه الليلة لابد من المساهرة لانظر هذا الاسد أيأكل من هذه الجثث أم لا . فلما صار عند غروب الشمس ، وإذا به قد أقبل فحققته فإذا هو هائل المنظر ، فارتعدت منه وخطر ببالي إن كان مراده لحوم بني آدم فهو يقصدني ، وأنا احاكي نفسي بهذا فمثلته ، وهو يتخطى القتلى حتى وقف على جسد كأنه الشمس إذا طلعت ، فبرك عليه ، فقلت : يأكل منه ؟ ! فإذا به يمرغ وجهه عليه وهو يهمهم ويدمدم .
فقلت : الله أكبر ما هذه إلا اعجوبة ، فجعلت أحرسه حتى اعتكر الظلام ، وإذا بشموع معلقة ملات الارض ، وإذا ببكاء ونحيب ولطم مفجع ، فقصدت تلك الاصوات فإذا هي تحت الارض ، ففهمت من ناع فيهم يقول : واحسيناه ، وا اماماه ، فاقشعر جلدي ، فقربت من الباكي وأقسمت عليه بالله وبرسوله من تكون ؟ فقال : إنا نساء من الجن ، فقلت : وما شأنكن ؟ فقلن : في كل يوم وليلة هذا عزاؤنا على الحسين - عليه السلام - الذبيح العطشان .
فقلت : هذا الحسين الذي يجلس عنده الاسد ؟
قلن : نعم ، أتعرف هذا الاسد ؟ قلت : لا .
قلن : هذا أبوه علي بن أبي طالب - عليه السلام - ، فرجعت ودموعي تجري على خدي .
0 التعليقات:
إضغط هنا لإضافة تعليق
إرسال تعليق
Blogger Widgets